قصة المزارع واللص

قصة قصيرة للكاتب الروسي ديمتري كروبسكايا

ترجمة: فهمي ابو غزالة

 

مكسيم رجل فقيرا ضعيف البنية  كان يعيش في احدى القرى البعيدة بالقرب من بحيرة القديس بولس

كان يسكن بيت قديم اشبه مايكون بقلعة من العصور الوسطى  في اطراف القرية بالقرب من البحيرة بعيدا عن السوق وتجمع القرويين  .

Screen Shot 2020-04-11 at 11.35.51 PM

كان الناس يتحاشون الذهاب الى المكان  وخصوصا الاطفال حيث كان يروج بين الاهالي بوجود اشباح وارواح شريرة  تسكن في البيت القديم حيث يسكن الرجل الغريب مكسيم

لم يكن لـ مكسيم صداقات مع الاهالي فقد كان منطوي على نفسه

 

كان مكسيم في مامضى شابا وسيما وقويا فقد كان مزارعا ناجح تزوج بفتاة احبها واحبته

وعاشا معا في مزرعتهما في ضواحي مدينة سانت بطرسبرغ

في يوم من الايام خرج مكسيم في الصباح الباكر كعادته من كل اسبوع ليذهب الى سوق المدينة 

لبيع  منتجاته  من بيض وحليب . غادر المزرعة وفي طريقه واثنا عبورة الغابة كان هناك  ثلاثة من اللصوص شاهد اللصوص المزارع وحيدا فقال اللص لصاحبيه دعونا  نهجم عليه وناخذ مايملك .قاطعة الاخر قائلا  انه مزارع ولاحاجة لنا بما لديه لانريد حملا ثقيلا وامامنا طريق طويل

فقال لهم زعيمهم مازال امامنا طريق طويل ونحتاج للراحة والتزود بالطعام لماذا لاننتظره حتى يبيع مالديه وناخذ ماله

اقترب اللصوص من المزارع وطلبوا منه ان يسقيهم الماء وسألوه اين تسكن ايها الرجل الطيب

اخبرهم انه يعيش في مزرعة ليست بالبعيدة في اطراف الغابة وانه ذاهب للسوق

افترق اللصوص والمزارع وتمنوا له الحظ الوفير ولكنهم كانوا يضمرون الشر في انفسهم و سرقة المزارع

ذهب اللصوص الى مزرعة مكسيم والتقوا زوجته واخبروها بانهم تجار وعلى معرفة بزوجها وقد طلب منهم القدوم الى المزرعه لشراء البيض والحليب وقد كانوا حصلوا على بعض المعلومات من مكسيم اثنا حديثه معهم ساعدتهم بخداع الزوجة .

رحبت بهم زوجة المزارع وقدمت لهم طعام وشراب ومكان للراحة حتى ياتي مكسيم

 

قبل المغيب  عاد مكسيم للبيت وقد باع كل ماكان لديه وحصل على مال وفير وبمجرد  دخوله انقض عليه اللصوص واخذو يضربونه بقوة هرعت الزوجة لمساعدة زوجها  وهي لاتكاد تستوعب المشهد

فبادرها احد اللصوص بطعنة في الصدر اسقطتها على الارض في الحال

قام اللصوص باخذ النقود وكل مايملك المزارع بعد ان قاموا بضربه بشدة سقط مغشيا عليه

هرب اللصوص بعد ان سرقوا كل ماكان في البيت من نقود وبعض الحلي غادروا المزرعة معتقدين  ان الرجل والمرأة قد فارقا الحياة لشدة الضرب والدماء التي كانت تغطي راس المزارع وزوجته

عند طلوع الشمس افاق مكسيم  وهو لايعي ماحدث له

وللاسف كانت زوجته قد فارقت الحياة.

تمر الايام والسنين  مكسيم فاقدا للذاكرة لايعي شي مماحدث له واخذ يرتحل في القرى والمدن هائما لايدري مايفعل لايملك شيء . وبعد ان وهن وضعف جسده واعياه المرض وجد بيتا مهجور في اطراف قرية بالقرب من بحيرة القديس بولس .

مكسيم الرجل الفقير النحيل الجسد يعيش على مايجده من بقايا طعام او ثمارا في الغابة فهو لايذهب للقرية واسواقها إلا للحاجة القصوى فقد كان منطوي على نفسه لايخالط احدا

في احد الايام بينما يبحث عن طعام تجمع حوله بعض الفتية واخذوا يرمونه بالحجارة فقد كانوا يعتقدون بانه غريب الاطوار او شبح يسكن البيت المهجور

ركض مكسيم بعيدا فتبعه الفتية بينما هو يركض هربا سقط في المنحدر وتعرض لكدمات  في راسه افقدته الوعي

هذه الكدمات  سببت له بعض  الالم الجسدي ولكن الالم النفسي كان اشد  فبسبب سقوطه على راسه  استعاد ذاكرته وتذكر زوجته وماحصل لهما من اللصوص صورة زوجته وهي تطعن قبل ان يغمى عليه لاتفارق خياله . ثلاثة ايام  بعد استعادة ذاكرته حزينا في ركن غرفته لايبرحها

بعدها حسم امره وقرر العودة الى مزرعته  والانتقام

نعم لقد قرر ان ينتقم ولن يهنى له بال حتى ينتقم من قتلة زوجته وشريكته المرأة التي احبها وكان يحلم معها بالعيش سويا  حتى اخر العمر

وصل مكسيم مزرعته وبداء يفكر بطريقة للوصول الى اللصوص والانتقام منهم……..

وتمر الايام عمل خلالها بتشغيل المزرعة واستاجر عمالا للقيام بالاعمال فقد كان هاجسه الوحيد البحث عن اللصوص

في كل صباح كان ياخذ فاس على كتفه ويذهب للغابة ويسأل المارة املا في العثور على شيء يدله على اللصوص فزعيم اللصوص كان لديه ضربة مشرط على وجهه قد تساعد في التعرف عليه.

مرت سبعة اعوام وبداء مكسيم يفقد الامل بان يعثر على اللصوص القتلة ولكنه لايزال في داخله نارا لم تنطفى بعد . قام مكسيم ببيع المزرعة وانتقل للعيش في المدينة

عند وصوله للمدينة قام واستاجر بيتا وفي اليوم التالي بحث عن عمل  في سوق المدينة شاهده احد التجار فقال له ارى انك غريب عن المدينة . فاخبره انه يبحث عن عمل  عرض عليه التاجر العمل لديه في محل العطارة  وبداء يعمل واتقن المهنة بفترة قصيرة فاختلط بالناس وكسب الاصدقاء فقد احبه الجميع استطيع القول انه في هذه اللحظه فقط ومنذ سنوات بداء مكسيم بالمضي قدما بحياته ونسيان الماضي وذكرياته الحزينة  وكان من ابرز التغييرات في حياته ان احب ابنة التاجر الذي يعمل عنده  وتقدم لخطبتها فوافقت واتفقا على موعد الزواج

بينما مكسيم يستعد للمستقبل ويبداء من جديد اذ بالماضي يأتي اليه امرأة في العقد الرابع من العمر تدخل محله تطلب اعشاب للتخفيف عن زوجها المريض وكانت الصدمة بالعقد الذي تلبسه

نظر مكسيم الى العقد نعم انه عقد زوجته فقد صنعه بيده من العقيق . تمالك نفسه وسأل المرأة من اين لك بهذا العقد الجميل ردت عليه لقد اهداني اياه زوجي وهو مريض الان واحتاج لشيء اخفف عنه

رد عليها قائلا لا استطيع ان اعطيك شياء حتى اراه واعرف مابه . اخبرها بان لامانع لديه ان يذهب معها ليرى زوجها وانها لن تدفع اكثر من ثمن الدواء فقط

وافقت المرأة وذهبت به الى بيت زوجها

كان الرجل الملقى على فراش في حالة يرثى لها نظر اليه مكسيم فعرفه نعم انه هو احد اللصوص بل هو زعيمهم هو من قتل زوجته

ولكن اللص وبعد كل هذه السنين لم يتعرف عليه بعد معرفة مكسيم بان اللص لم يتعرف عليه احضر دواء وبداء بعلاجه وكان يتردد عليه يوميا فتعجب اللص من تصرفاته ولكنه اخبره بان واجبه كمعالج يحتم عليه الاعتناء بالمريض حتى لو لم يكن يملك مال وان هذه هي وصية ابيه قبل وفاته . فصدقه اللص .

فكانت حالة اللص تتحسن مرات وتسوء مرات اخرى والسبب في ذلك نوع الاعشاب فقد كان مكسيم يريد لحالته ان تبقى على ماهي عليه

اصبح مكسيم يتردد على منزل اللص وكانه صاحب المنزل وخلال فترة مرض اللص والتي استمرت مايقارب الستة اشهر كان مكسيم قد استعاد غضبه وذكرياته وخطط للانتقام من اللص بابشع الطرق فلم يرد ان يقتله وينتهي

في احد ايام زيارته للص في بيته من اجل تقديم العلاج كانت زوجة اللص تشكو من صداع في راسها فاحضر لها مشروب حتى يخفف عنها وكان فيه نوع من اليرقات التي لاتكاد ترى مكسيم يعرف ماتفعل هذه اليرقات اذا دخلت جسم الانسان فهي تكبر وتصبح دودا ويزداد حجمها حتى تنتفخ البطن وهذا ماوقع

فقد انتفخت بطن المرأة وكبرت وقد احست  بذلك ولكنها اخفت ذلك ولم تحدث احدا بذلك عدا مكسيم الذي اخبرها بان ذلك انتفاخ وسيزول  .

عندما انتبه اللص لذلك اعتقد بان زوجته حامل وهو الذي على فراش المرض لسته اشهر

اخذ يفكر بتردد   مكسيم على المنزل وايقن انه على علاقة بزوجته

كان اللص وقتها قد تحسنت حالة وقرر ان يستدعي مكسيم للمنزل لشكره على كل مافعله من اجله.

فلما جاء مكسيم على العشاء وبينما هم على طاولة العشاء قام اللص واشهر سكينه وبداء باتهام زوجته

وهي غير مصدقة بانه يتهمها فهي من اعتنت به لاشهر وسهرت من اجله وقد كان يحبها حبا جما

مكسيم اعترف وإلا قتلتك – اللص محادثا مكسيممكسيم يطأطا راسه ويقول بصوت مبحوح  هي من دفعتني لفعل ذلك هي السبب .

بلمح البصر غرز اللص سكينه في بطن زوجته وقتلها في الحال عندها بداء مكسيم بالضحك بصوت عال

مما اثار استغراب اللص وبينما هما على هذه الحال اخذ مكسيم خنجرا من خاصرته كان مخفيه ووضعه في رقبة اللص قال له اتتذكر المزارع الذي ضننت انك قتلته وزوجته وسرقت اموالهم وهذا العقد على عنق زوجتك اتتذكر انا هو ذاك المزارع والان انتقمت منك واوهمتك بان زوجتك خائنة وقتلتها بيديك

ولكني لن اقتلك سادعك تتعذب لبقية حياتك

وقام بغرز الخنجر في عيني اللص فاصبح اعمى لايرى عاش بعدها شهرا واحدا ومات قهرا وكمدا على قتل زوجته بدون ذنب وعلى ماصار اليه حاله .اما مكسيم فغادر المدينة ولم يتزوج ابنة التاجر ولايعرف مكانه.

 

4 رأي حول “قصة المزارع واللص”

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s